Saturday, February 7, 2015

The Anaconda ....... الأصلة



كنا جمع ليس بقليل في احدي تلك البيوت المصنوعة من جزوع وسقوف الاشًجار وان كنا نتخيل البيت بما حولنا الان فهو بعيد كل البعد تماما ليس به اي اثاث حتي البدائي والقليل ... لم يكن الا مستظل ومرقد نفترش ارضه وكذلك بقية البيوت في المعسكر والتي هي خصيصا للجرحي والمرضي من المناضليين لم يكن بها حتي سرير واحد ... الكل مفترش الارض والكل ياكل نفس العصيدة ونفس القراصة واحيانا قليلة نفس العدس الذي فيما بعد صار الوجبة الاساسية مع القراصة في كل الميدان .. ونحن منهمكين في امورنا واذا بصوت من الخارج "يهو سلام عليكم ... سلام عليكم" ولم يكن صعبا ان تري صاحب الصوت من خلال الفتحات بين الحطب الذي هو جدار البيت وصوت الكثيريين برد عليه من الداخل وفي وقت واحد "مرحب عليكم والسلام ...مرحب محمد الحسن ... أرحب...قدم بل اتي" ... اري مواطنا بزيه البسيط وعصاه في يده والجميع يطلبون منه بالتفضل بالدخول والكل يبدو يعرفه جيدا ماعدا قلة منا من الضيوف ... اول سؤال تبادر الي ذهني كيف دخل محمد الحسن الي المعسكر والثاني اين يقيم مادام ليس هنالك مواطنيين مقيمن في الجبل ..اسئلة لم تدم طويلا حتي تبددت من خلال حديث محمد الحسن مع الرفاق .. خصوصا مع صباح الخير الذي كان قائد المعسكر والمشرف علي الجوانب الأمنيه  فيه ومع ودحاج علي الذي كان مسؤل العيادة المركزية والمدير الفعلي للمستشفي .... المهام والمسؤليات لم تكن واضحة لي في ايامي الاولي بدبر سالا لكن لاحقا كل شيئ كان واضحا وادري من هو المسؤل وعن ماذا ... محمد الحسن الشاب النحيل متوسط القامة ذو الابتسامة العريضة  كان يعين الجبهة والعيادة علي وجه الخصوص باحضار المؤن من مدينة اغردات وكان معروفا لدي افراد سرية الحراسة ولم يستغرب وجوده الا امثالي من الجدد او من المارة غير المقيمين .. محمد الحسن كان مستمتعا بتجازب اطراف الحديث وفجاة  وكانه نسي شيئا انتفض واقفا قائلا "يهو عرو لاصالت ..لاصالت ييتبدي .. عرو" ... ذاكرا الاصلة .. الاصلة ... وان لم نسرع فسوف تختفي ويضيع اثرها . . وعندها ينتفض مسمر وكانه وجد ضالته سائلا محمد الحسن عن المكان بالتحديد ويستاذن من صباح الخير لياخذ مجموعة من الرفاق لصيدها واللاتيان بها .. ولا اكاد اصدق ما اسمع عن الاصلة وعن غبطة وفرحة مسمر لسماع الخبر وعن حماس مجموعة من الرفاق بالذهاب معه وعندما سؤلت ان كنت ارغب في الذهاب معهم كان ردي وبكل حماس بالايجاب ..
لم يضيع مسمر وقتا فكان يدري ما عليه فعله ومايلزم عمله .. لقد احضر الحبال وانطلقنا خلف محمد الحسن ويا لوعورة المكان وخطورته ... شديد الانحدار تتخلله صخور عليك تجاوزها.. تصعد اليها بصعوبة وتنزل منها بصعوبة ابلغ هذا ونحن مازلنا نسير خلف محمد الحسن وقلت في نفسي ان كان هذا ما يفعل محمد الحسن ليأتي بالمؤن من اغردات في كل حين فما علي الا الأجلال .. والتقدير لمحمد الحسن ولامثاله من الشعب في الوقوف خلف ثورتهم والتضحيات الجسام التي كانوا يتكبدونها ويبذلونها ... لقد كان محمدالحسن سريعا وخفيفا في صعوده ونزوله من هذه الصخور ونحن علينا مجاراته وهنا كانت تكمن الصعوبة وكان التحدي أعظم .. لم يكن المشوار قصيرا كما توقعت وتخيلت من خلال وصف محمد الحسن للموقع وكأنه علي بعد امتار ولكنا هانحن مازلنا نسير ونسير ونهبط ونهبط في ألمنحدر ومازلنا بعد ... التقريب في وصف المكان عادة عند بعض الافراد في بركا حيث عندما يصفون موقعا يحاولوا ان يقللوا المصاعب ويقربو بعد المكان وهذه خصلة حميدة للرعاة فترفع معنويات الفرد وكانه واصلها  بعد قليل من الزمن كما وصفت له ... توقف محمد الحسن عن السير وهو يشير بعصاه الي صخرة ملساء تشكل منحدرا يتقاطر منه الماء في حوض صغير قال بانه عندما كان مارا من هنا راي ارنبا بريا يستقي من ذلك الحوض واثناء انشغال الارنب بالشرب داهمت الأصلة الارنب والتفت حوله وحطمت عظامه وبدات تلتهمه لذا لا اعتقد بانها تكون بعيدة عن تلك الصخرة بالقرب من الحوض والتي خرجت منها اصلا .. يلتقط مسمر طرف الحديث ويقول كالعارف الخبير اكيد تكون تحت تلك الصخرة فانها عادة لا تبتعد كثيرا عندما تلتهم حيوان ...علينا النزول الي الصخرة وسوف تكون من المؤكد هناك نائمة تحت الصخرة ... تقدم مسمر وتبعناه الي الصخرة بالقرب من الحوض .. وكان الموقع مثاليا للأصلة ان تصيد فيه اي حيوان .. فشح الماء سيدفع الحيوانات للقدوم الي الحوض للشرب والصخرة بالقرب من الحوض توفر المخبأ المناسب للأصلة وهكذا سهل الخالق لخلقه ما يقتاتون ويأكلون .. أشار علينا مسمر بالانتشار حول الصخرة ... فسبحان الله .. المكان كأنه عمل وجهز خصيصا لهذه الحية الضخمة .. ملتفة حول نفسها نائمة لا يفسد عليها نومها شيئ .. الموقع وكأنه غارة صغيرة له مدخل امامي مواجه لحوض الماء وفتحة صغيرة من الجانب الايسر اما في الجانب الايمن فالصخرة متكأة علي الصخرة الكبيرة الملساء التي تشكل المنحدر الصغير الذي يتقاطر منه الماء ليتجمع في الحوض.. التففنا حول الأصلة وتقدم مسمر ببندقيته السيمنوف ومن خلال الفتحة الجانبية اطلق طلقة واحدة اهتزت علي اثره الأصلة داخل ذلك الغار وهزت المكان ثم بدأت في الخروج في اتجاه الماء حيث مسمر كان واقفا والذي قفز مبتعدا الي الخلف ويا للهول من ضخامتها وطولها عندما خرجت من الغار كاملا ..  كلنا حولها... رفعت رأسها عاليا وباقي جسمها ملتف في الارض تستجمع ما تبقي من قوتها وتدور برأسها في كل الاتجاهات وتزداد في العلو تدريجيا وعندها رمي مسمر بحبله في اتجاه رأسها المرفوع وكان حبلا معقودا ... اصاب مسمر ما أراد حيث المسافة لم تكن بعيدة وصار الرأس في العقدة وكلما تحركت يمينا او يسارا اشتدت العقدة وازدادت اختناقا وهي تحاول أن تحارب الا ان قوتها لم تسعفها وكلما أترتفع رأسها خرعلي بقية جسدها ومازال مسمر ممسكا بالحبل يرخيه أحيانا ويشده أحيانا أخري وهكذا حتي خرت هامدة من دون حراك ... وهاهي خبرة مسمر في صيد الافاعي تأتي أكلها ... تركناها حتي سكنت تماما وفقدت كل حراك وعندها تقدمنا وبدأنا في تمديد الجانب الملتف من جسدها  علي الارض وكانت أطول مما تصورت .... كنا ستة من المناضلين دون محمد الحسن الذي فضل المواصلة في النزول الي قريته ... كلنا الستة حملنا الأصلة ويمكن من هنا تخيل مدي طولها وضخامة حجمها ... مشوار الصعود كان اقصي واصعب مرارا من مشوار الهبوط  ... صخور وصعاب وصعود وحية  ضخمة نحملها وتقيد من حريتنا في الحراك لكن رغم الصعاب ها نحن قد وصلنا والكل في المعسكر فرح بالأنجاز .. فكم من واحد ينتظر حزاما من جلد الأصلة وكم من واحد يود ان يغطي سكينته بجلد الأصلة وكم من واحد يود فقط اكل لحمها وقد تعودوا أكل لحومها وحيث اللحم كان من الاشياء النادرة والتي قليلا ما كانت توجد والحصول عليها كان من الأشياء النادر حدوثه فهي فرصة لا تعوض ... بدأنا مباشرة في صلخ جلدها واثناء ذلك كانت لي دردشة مع مسمر ذو الافرو الكثيف والمدرقف الذي لا يفارق رأسه ... يسألني قائلا اتعلم لماذا اكتفيت بطلقة واحدة ... قلت له لا ... قال لكي لا نخرب الجلد ويكثر فيه الثقوب ... ومسمر يتحدث البلين والتقرايت .. ثم اضاف قائلا من المؤكد سوف نجد الأرنب بداخل بطنها وقال الأرنب ساعدنا علي سهولة صيدها فهي تخمل وتنام بعد ابتلاعها لحيوان ... قلت له اصبحت خبير في المجال .. رد .. طبعا وكمان خبير كبير.. مسمر شخص لا يمكن ان تمل وتسأم منه .. ظله خفيف والدعابة لا تفارقه ابدا..الم اقل لك ... انظر انظر وهو يشير الي الأرنب الذي كان متكاملا في بطن الأصلة كما كان خارجها ... حكمتك يارب ... لقد كان متمددا لم تنقص منه شيئ .. لا أدري كم من الوقت كانت سوف تحتاج لهضمه وكم من الوقت للتخلص من وبره وعظامه .. سبحان الله كل شيئ مرتب ترتيبا دقيقا .. أخرج مسمر الأرنب برفق من خلال الفتحة الكبيرة علي خاصرة الأصلة وواصلنا في صلخ الجلد حتي أكتمل فصل الجلد من اللحم الذي يشبه كثيرا لحم الاسماك .. وأبعد الجلد من تحت اللحم حتي لا يحدث به ثقوب أثناء تقطيع اللحم وسوف يحتاج لاحقا من تنظيف ودبغ وتلميع قبل أن يستخدم .. أما السلسة الفقرية فقد أستخرجت مثلما تستخرج في الاسماك حيث تم فصل اللحم من الجهتين العليا والسفلي وأخرجت السلسلة الفقرية برفق حتي لا تنكسر ووضعت بعيدا الي حين زوال الشوائب كاملة وصار التركيز الكامل علي اللحم من تقطيع وغسل وطهي ويا لها من وليمة أهل الجبل.


Thursday, February 5, 2015

الليلة الاولي بدبر سالا

عندما وصلنا المعسكر كان الظلام قد حل ومن الصعب تفحص المكان لكن تفحص الوجوه كان بالإمكان مع أضاءة كل لمبة زيت أوفانوس .... لقد عرفت كم كان الشهيد ادريس عمر محبوبا في المعسكر والكل يعرفه فقد صرت اتجول معه للتحية علي المجرحين والمرضي في العيادة وأعجبت كثيرا ان أشاهد لأول مرة مقاتلات في الميدان وكنت اسمع القصص عنهن ... فهذه المناضلة سعدية تسفو التي قامت بالعملية الفدائية الشهيرة بمدينة كرن للخلاص من العميل علي بخيت في عملية جريئة وشجاعة استدرجته فيها بعد التنسيق مع وحدة الفدائيين الي احدي البيوت بحي قزاباندا وهناك كان حتفه المحتوم حيث انقضت عليه وحدة الفدائيين وقطعته اربا ومن هناك مباشرة  التحقت المناضلة سعدية تسفو بالميدان وتم توجيهها الي العيادة المركزية بدبر سالا ... ان عملية علي بخيت هزت مدينة كرن فهذا العميل كان قد اتعب الناس وعانت منه المدينة ويلات وويلات .. لفد كان مناضلا بالجبهة ولظروف أجهلها فضل ان يخون رفاقه ووطنه وسلم يده الي العدو وبحكم تواجده في أطراف كرن كان يدري ويعرف المواطنين الذين يتعاونون مع الجبهة ويقدمون لها الدعم اللوجستي ... ذلك العميل كان قد اضر كثيرا بالجبهة والمواطنين خصوصا المواطنين القادمين من القري القريبة من كرن والتخلص منه باي ثمن كان يمثل اولوية في العمل الفدائي للجبهة حينها ولقد تم لها ذلك بفضل جرأة وشجاعة المناضلة الجسورة سعدية تسفو.. واحدة من المعاناة التي أذكرها جيدا كان هناك  قريب لي وهو أخ جدتي من أمي وكان يعرف علي بخيت جيدا ولقد سمع بتسليم يده للعدو وكيف ان الناس صارت تعاني منه كثيرا قريبي هذا واجه صعوبة كبيرة في الدخول للمدينة وقضاء حاجاته, عليه أما ألانتظارفي أطراف المدينة قبل الدخول والخروج منها أو عدم الدخول للمدينة والبقاء في أطرافها والطلب من الأخريين بأحضار حوائجه له .. لقد عاني كثيرا وكان أكثر الفرحين للتخلص منه .. وكان هناك الكثيرين من أمثاله عانوا وذاقوا الويلات من علي بخيت ... ما زلت أذكر سعدية  ولقد أسعدني رؤيتها في دبر سالا بالعيادة المركزية .. لقد كان هناك ثلاثة مناضلات أخريات .. احداهن هي زوجة الشهيد دبروم طلوق الذي استشهد لاحقا في تحرير مدينة مندفرا عام1977, لقد غادرت زوجة الشهيد العيادة المركزية برفقة مجموعة من الحالات الخطيرة التي حينها كانت تنقل لمدينة كسلا  . أما الأخريان فاني أذكر جيدا ملامح وجوههن لكني لا أذكر أسمائهن واحدة كانت من اقليم أكلوقزاي وكانت تتحدث الساهو اما الثانية فتتحدث التقرايت وربما أتمكن من تذكر اسمائهن في المستقبل. رافقت الشهيد ادريس في الجولة الليلية للمعسكر وانطباعي الاولي للمكان بأنه وعر وخطير للغاية واختير الموقع لهذه الصفات حتي يكون في مأمن من العدو الذي كان أحيانا يخرج من مدينة أغردات أو مدينة كرن للبحث عن الجبهة .. فقد كان اختيار الموقع من الناحية الأمنية موفقا لكنه في نفس الوقت يشكل خطورة علي حياة المناضلين أنفسهم من شدة وعورة التضاريس. عرفت من أول ليلة في المعسكر بان الحركة فيه تحتاج الي حيطة كبيرة والتريث وعدم الاستعجال فكل خطوة يجب أن تكون محسوبة لما في المكان من انحدار شديد ... ولي في هذا المجال قصة مروعة صارت لي رغم الحيطة والانتباه سوف أسردها لاحقا عندما يحين وقت سردها.
في اليوم التالي وفي الصباح الباكر أري المكان ويا له من مكان ... روعة في الجمال انحدارين حادين ينزلان علي وادي صغير ثم غور عميق يحفظ ماء المطر والصخور الضخمة في الاتجاهين من المنحدر ... مكان جميل حقا ... مسمر هذا الشاب الممتلئ نشاطا وحيوية تراهو في كل ألأتجاهات ... لقد عرفت لاحقا بأنه قائد مجموعة الخدمات التي تعين الجرحى والمرضي من المقاتلين ... الحركة بدأت تدب في المعسكر مبكرا جدا فهناك الكثير مما يجب عمله والكل يدري عمله وأول مشاركتي في العمل في المعسكر كان بعد ان تناولنا الشاي والقراصة الصباحية .. أتاني أحد أفراد مجموعة مسمر وطلب مني مرافقته, وسرنا في أتجاه المنحدر وكلما أنزل من صخرة الي أخري في المنحدر يزداد يقيني بأن المكان يجمع بين الخطورة والجمال .. نزلنا كثيرا وصرنا علي حافة الغور والماء من تحته يتلألأ وبريقه يسطع ومجموعة كبيرة من المناضلين تصطف .. وهناك في الغور نفسه أسمع صوت مسمر وهو يصيح بمقاطع تستخدم عادة في السقاية حيث يكررها الرعاة وهنا مسمر وبقية الفرقة تستخدم نفس الأسلوب لنقل الماء من أسفل الغور الي أعلي الجبل بالصفائح (جمع صفيحة وهو وعاء للماء كان يستخدم قبل ظهور جركانات البلاستيك) ... صرت جزءا من المجموعة في خلال وقت وجيز .. جمعنا من الماء ما يكفي ليوم واحد وهذه العملية كانت تتكرر يوميا خلال الفترة التي قضيتها مع المجموعة. أعجبتني المجموعة وهي تردد مع مسمر لحن "أروتلا ... أرومنا ... أروتلا ... أهمنا" كنت أسمع تلك المقاطع في شفشفيت بمدينة كرن حيث كانت هناك بئر تحت الخزان وكان يستخدمها الرعاة عند استخراج الماء من البئر وملأ الحوض "السموي" لتشرب الدواب ... مسمر لا أذكر أسمه الكامل لكنه كان نموذجا من التفاني والنشاط وحب الأخرين ... مهمة جمع الماء في ذلك الصباح الجميل علمتني كيف ان العمل الشاق ممكن ان يكون ممتعا في ان واحد وهذا ما تؤديه مجموعة مسمر ومع من يكن مارا بالمعسكر من المناضلين القدامى الذين يكونون علي علم بالموقع تحديدا لان دبر سالا ليس جبلا محددا كما يعتقد الأغلبية من الناس وانما هو هضبة مثله مثل رورا حباب، رورا ماريا ورورا منسع (كلمة رورا بالتقرايت تعني هضبة) وهي الهضبة المقابلة لبركا في سلسلة الهضاب وانت متجها شرقا الي سمهراو شمال شرق الي الساحل لذلك كثير من المناضلين وهم في طريقهم الي الساحل كانوا يمرون بنفس المنطقة حتي وان لم يصعدوا الي العيادة المركزية ..والترانيم التي كما ذكرت كانت تعطي ذلك الجمع والجهد الجماعي طعما ومذاقا خاصا حتي تمتلئ البراميل التي منها وبها سوف يغطي كل المعسكر احتياجاته من الماء لذلك اليوم بأكمله ... هكذا كانت تتم العملية في صبيحة كل يوم ... وكانت تتبعها مهام جماعية اخري ومنها جمع الحطب قبل ان تبدا الناس في مهامها الفردية...

ومن الأشياء التي شدت وجذبت انتباهي تزيين مداخل البيوت وأسميها جزافا بيوت لانها هي البيوت الموجودة وقتها  وهي أصلا من الرواكيب المعمولة من أجزع الأشجار .. فالمداخل مزينة بالسلاسل الفقرية للأفاعي الضخمة  (ألاصلة او ال anaconda) مررت بعدة بيوت وفي مدخلها السلسلة الفقرية لتلك الأفاعي الضخمة كذلك شاهدت معظم الأحزمة وأغمده السكاكين معمولة من جلد تلك الافاعي .. سألت من حولي عن تلك الظاهرة فقالوا لي أن لا أتعجب وسوف لن يطول  الانتظار ما دمت في دبر سالا سوف تري بنفسك وربما تأكل لحمها كذلك أن كنت لا تمانع في ذلك ... عجيب أمر هذا المكان الجميل هناك فاتورة لهذا الجمال تدفع من خطورة التضاريس ووجود هذه الافاعي ليزداد الامر خطورة... قلت ربما لهذا السبب لا تسكن الناس دبر سالا منذ القدم ولماذا بقية الهضاب مأهولة وليس دبر سالا ... ربما في الامر سر يدفن مع هذه الافاعي ... أو انه الصراع بين الأنسان والطبيعة فخلو المكان من السكان ساعد علي تكاثر هذه الزواحف وكثرتها صار مهددا للأنسان والحيوانات الأليفة. أكيد الغلبة يوما سوف تكون للأنسان لكن حتي الأن صراع دون غالب أو مغلوب.
ونواصل ......