Tuesday, December 29, 2020

عام 2020 رقم صعب في الذاكرة .. حرب التقراي والحدود السودانية


2020 قبل أن يولد ويكون عاما جديداً في خارطة الزمن كان مخاضه عسيرا وولادته من رحم عام 2019 صعباً للغاية ... لقد بدأ الشرق الأدني من الصين يترنح تحت مرضٍ جديد ومخيف إقشعر له بدن الدولة الصينية كلها حتى أصابها عطاسٌ سُمِعَ دويه في كل بقاع المعمورة والاكثر من ذلك إن عطسة الصين كانت كافية لتجعل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان ليعطسوا كذلك وسرعان ما بدأت بقية الدول الأخري في العطس الواحدة تلو الأخري حتي عطس الكون كله .. الكثير كان يعتبره مجرد عطس لكنه كان عطساً قوياً مختلفا من العطس الاعتيادي وهكذا كانت العطسة الصينية جزءاً من مخاض عام 2020 الذي وُلِدَ والناس في غفلةٍ مع العطسة الصينية التي اعتلت عام 2020 وامتطت كل ثانية وكل دقيقةٍ فيه لتبدأ الجائحة الكبرى في الزمن المعاصر ويكون كل يومٍ فيه الحديث عن الإصابات والحالات الجديدة والوفيات الجديدة وطرق الوقاية الجديدة وبحر من المعلومات عن الكرونة التي شغلت العالم في كل يوم وفي كل ساعةٍ من عام 2020 لقد انشغلت الدول بإحصاء حالاتها الجديدة وبوسائل وطرق وقاية شعوبها .. لقد استهلكت الجائحة كل طاقات الدول والشعوب في ما يمكن فعله لإيقاف الجائحة و انطلق العلماء في إجراء البحوث والمختبرات من أجل التوصل الي مصلٍ ولقاح يوقف هذا السنامي الصحي الكاسح وصل كل شبر في المعمورة ويعيد للناس توازنهم وحياتهم العادية السابقة التي إفتقدوها مع إغلاق الحدود بين الدول والمدن والعمل والدراسة وكثير من الأشياء صارت تمارس من البيت وفُرِضَ التباعد الإجتماعي ووضع الكمامات الواقية .. سبحان الله مغير الاحوال كل شئ صار له ما قبل وما بعد لا يمكن أن تتحدث في شيئ إلا وعليك أن تذكر ما قبل كرونة أو ما بعد كرونة وصارت العالم تعيش الواقع الجديد الذي فرض شكله الجديد فاليوم يكون غريبا جداً إنْ لم تري أحداً لا يضع كمامة علي وجهه وكذلك مستغرباً أن ترى تجمعات بشرية كما كان سابقا قبل كرونة وكل تجمع صار إفتراضي عبر الإنترنت وعبر الشاشات الصغيرة والكبيرة .. سبحان الله الانسان يملك أسلحة دمار شامل وكامل ولكن لا يستطيع إكتشاف فيروسٍ صغير لا يرى الا بعد تكبيره آلآف المرات .. فيروس نشر الذعر وانتشر في كل مكان بل واستطاع دخول حتي بيوت الملوك والرؤساء لا يفرق بين غني وفقير بل ربما كان يحب الأغنياء أكثر من الفقراء والدول المتطورة أكثر من الدول الأقل تطوراً .. الكرونة نشر الذعر وحصد كثير من الأنفس تجاوز عددهم المليون بكثير خلال عام واحد .. الكرونة هذا البُعْبُعْ الذي أخاف العالم كله وما زال يخيفنا جعل من عام 2020 مطيته الزمنية حتى صار العالم كله في شغفٍ وترقب علي ذهابه وقدوم العام الجديد مع المصل واللقاح الجديد .. كل العالم والحال يقول يا كرونة قد حان وقت المغادرة والرحيل .. فقد زرعت الذعر والأسى في كل سبيل .. لقد زرعت الموت في كل الأرجاء و الأصقاع ولم تبالي بالصراخ والعويل .. لقد زرعت الحزن والبؤس في كل دربٍ وصرت علينا ضيفاً ثقيل .. الكل يخافك و الكل يهابك والكل يرتعد عند سماعك دون مواربة أو تضليل .. كرونة .. المصل قادم والمصل فعالٌ فلا تتلون وتتحور وتقاوم .. حان الرحيل يا عام 2020 والكرونة محمولةً على أكتافك فلا دوام في الأرض أو السماء إلا لله وحده .. حان الرحيل يا عام يشبه أوله أخره والأبواب مشرعةٍ  تنتظر خروجك .. حان الرحيل فالناس قد سئمت والأجراس قد قرعت والشموع قد أوقدت وأشعلت والأرواح قد سمت واعتلت والدموع قد ذرفت وسكبت والينابيع قد أوقفت والمجاري قد جففت فالرحيل والرحيل يا عاماً كِدنا نظن بأن رحيلك مستحيل ...

عام 2020 لم ياتي الي منطقتنا حاملا الكرونة وحدها بل حمل معه عوامل موتٍ أخري وعوامل دمار وخراب أخري .. لقد حمل معه الحرب وكما هو حال الحرب فهي تبيد الأخضر واليابس وتفني الزرع والضرع وما تنشر الا خرابا ودمارا .. هاهي المنطقة تشتعل في كل الإتجاهات والجيوش تعمل الفتك والبطش دون رأفة أو رحمة والكل يظن بأن أسبابه مقنعة لاشعال الحرب والدمار .. أبي أحمد بعد أن درس وتلقن جيداً كل فنون الحرب والدمار فنون القتل والتشريد فنون البطش والتنكيل والزج بالمعارضين في السجون من المدرسة الإسياسية وتخرج بدرجة إمتياز بدأ ينفذ ما تعلمه من كبيرهم الذي علمهم السحر إسياس أفورقي .. أبي أحمد لم تثنه جائزة نوبل للسلام من البدء في تنفيذ مخططات إسياس في المنطقة بغزو التقراي مستفيداً من جيوش الأمحرا وجيوش إسياس نفسه بالإضافة الي جيوش الدولة الإثيوبية وهي جيوش كبيرة .. مخططات إسياس وأحلام وطموحات أبي كانتا تتقاطعان في كسر شوكة التقراي وتحطيم بناهم التحتية وإعادتهم الى مربع الصفر حيث يبدأون من جديد كل شئ كما يحدثنا التاريخ عندما غزاهم منليك الثاني في القرن الثامن عشر هزمهم ولم يتركهم لحالهم حتي كسر شوكتهم بتفريقهم من كل عوامل القوة كي لا تقوم لهم قائمة وكذلك فعل هيلي سلاسي ومنقستو تركوهم يعيشون في فقر مدقع وهاهو سليل هيلي سلاسي يدرك ذلك السر ويقوم بتطبيقه وتفريق التقراي من كل مكامن القوة بسلب ونهب وتحطيم البنية التحتية للإقليم .. لقد شن أبي احمد حرباً علي التقراي ذاكراً بأن الغرض منها بَسْط سلطة الدولة وتطبيق القانون وأي قانون هذا الذي يَسمحُ بأن تأتي بجيوش دولةٍ أخرى مجاورة لمحاربة شعبك .. اليس شعب التقراي من شعوب أثيوبيا بل من صميمها ثم أليس أن إرتريا دولة مجاورة ويجب حفظ حقوق الجيرة بين الشعبين قبل النظامين فلماذا يقحم أبي أحمد الجيران في حرب تعتبر إثيوبية بكل التفاصيل والمقاييس أم أن الحرب هي حرب النظام المجاور على إقليم من الأقاليم الإثيوبية وكرئيس لكل الشعوب والأقاليم الاثيوبية من يظن بأن تترك هذا يحدث إلا إذا كان لك في ذلك مصلحة شخصية تطغوا وتتخطي المصلحة الوطنية وهنا مربط من مرابط المصلحة المشتركة بين إسياس وأبي أحمد وليس بين الشعبين الجارين اللذين سوف يبقيان في المنطقة بعد رحيل الأنظمة لكن بمرارة ما حدث من التاريخ وها هي المرارات والاشواك تزرع الأن وتحصدها الأجيال القادمة .. لقد صور ابي احمد الحرب علي التقراي كأنها فقط علي قيادات الجبهة الشعبية لتحرير التقراي وهو يعلم علم اليقين بأنه عندما يجلب مليشيات الأمحرا والقوات التابعة لإقليم الامحرا فالأمر لم يعد بين القوات الفدرالية وقوات إقليمٌ متمرد وإنما صار الأمر بين الامحرا والتقراي ومعروف العداء التاريخي بين القوميتين وأي رئيس يلعب على أوتار النزاع التاريخي بين القوميتين إنما يلعب لصالح نفسه وليس لصالح البلاد وأضف إلى ذلك إقحام القوات الإرترية كرأس حربة في القوات المهاجمة أو حتى في قوات الإسناد كان ذلك أيضا عملاً له دلالات وأبعاد إستراتيجية في عمق الإتفاق بين نظامي أسمرا وأديس أبابا لا أحد يدري ما هو الإتفاق ولا أحد يدري مئالاته ونتائجه المستقبلية علماً بأن أحدهم يخطط للإستفادة من الأخر فهل تصب لصالح أبي أحمد الذي يود أن يكون الامبراطور القادم لإثيوبيا أم أن لإسياس طموح في حكم إرتريا وإثيوبيا سوياً كبلد واحد .. لا أحد يعلم ما هي خططهم سوياً أو خططهم فرادي الا أنه من الراجح في القول بأن كلٍ منهم يلعب لصالحه أما مصالح الشعوب فحدث ولا حرج لا أحد يهتم بها بل الكل يستخدمها مطية صوب تمتين وتوسيع سلطانهم مثل ما فعل أباطرة إثيوبيا السابقين .. أبي أحمد وإسياس أفورقي كلٍ يسعى لمصالحة مستخدما الآخر أضف إلى ذلك مصر التي خلطت أوراق اللعبة من أجل أن يكون لها دورا في الحل النهائي .. مصر تدري معطيات اللعبة جيداً وتدري الأماكن التي يمكن أن تؤثر على أبي أحمد حيث يمكن أن تحركها متى ما أرادت وتكسب في ختام اللعب دون أن تخسر جندياً واحدا .. أبي أحمد رقم أنه رجل مخابرات وثعلب يستطيع التحور مع الأوضاع إلا أنه أخطأ خطأ فاضحا في خوض معركة التقراي حيث النتيجة والمحصلة النهائية سوف تكون لصالح مصر الأ إذا أرادت الدول الكبرى غير ذلك .. اعتقد أبي أحمد بأن المعركة مع التقراي سوف لن تطول ظاناً بأن القوة النارية التي أعدها من جيوش ثلاثة قادمة بإتجاهات ثلاثة سوف تقضي على التقراي قبل أن يدرك العالم ما يجري ويتدخل في إيقاف الحرب وقبل أن تتدفق جموع اللاجئين عبر الحدود ويعرف العالم ما يجري في التقراي .. ظن أبي أحمد بأن الجيوش الجرارة سوف تحسم الأمر بسرعة قبل أن تبدأ دولاً مثل مصر في خلط أوراق اللعبة وجعل المعركة تصب لصالحهم .. أبي أحمد ربما غفل عن عموامل مؤثرة في حسم المعركة .. أولا العامل التقراوي نفسه .. كيف سوف يحاربون الجيوش الجرارة التي أرسلت لابادتهم هل سوف يتمترسون يواجهونها حتى تبيدهم وتقضي عليهم .. حسابات أبي أحمد تشير بأنه كان يتوقع بأن التقراي سوف يتمترسون ويواجهون بندية للجيوش القادمة وإعلامهم المرئي والمسموع كان يدفع ويوحي بذلك وهذه كانت خدعتهم لأبي حيث عندما قدمت الجيوش الثلاث لم تدافع التقراي عن المدن بل أخلتها بسرعة ساحبةً كل جيوشها وعتادها الى الجبال التي بدأت منها ثورتهم قبل قرابة الثلاثة قرون .. هذه كانت أول ضربة لخطط أبي أحمد وإسياس أفورقي حيث تمكنت التقراي من إطالة أمد الحرب وتدفقت جموع اللاجئين عبر الحدود إلى السودان وعرف العالم بما يجري من تطهير عرقي وابادة جماعية ما زال المجتمع الدولي في السعي الحثيث لجمع وتوثيق الأدلة والمستندات قبل أن يتقدم بإتهام رسمي لمرتكبي الجرائم .. إطالة الحرب من طرف التقراي أعطي لمصر الوقت الكافي والمطلوب لرسم خططها في سبيل إستخدام الظروف المواتية التي خلقها أبي أحمد دون قصد .. لقد نصبت قوات من مليشيا الامحرا كمينا للقوات السودانية التي إنتشرت في الحدود وقتلت منهم أربعة احدهم برتبة عقيد وكان ذلك الخطأ الثاني في صالح مصر حيث تم إستقلال تلك الحادثة إستقلالاً محكما في فتح جبهة جديدة على مليشيات الامحرا التي كانت منتشرة في مناطق الفشقة  و كذلك القوات الفدرالية المساندة لها .. هذه الجبهة الجديدة خلطت أوراق أبي أحمد وإسياس أفورقي ولا ندري ماذا سوف يكون رد فعلهم إما أن يعلنوها حرب شاملة تأكل الأخضر واليابس ولا أحد يستطيع تكهن نتائجها وتكون أطرافها التقراي والسودان ومصر من جهة وإثيوبيا وجيش إسياس من جهةٍ أخري أو سوف يدركوا بأن حرباً واسعة مثل هذه تكون مغامرة وغفذٍ في الظلام لا أحد يمكن بمقدوره تنبؤ نتائجها لذا ربما يلجؤون لخطط أخري منها ربما الإتفاق مع مصر في موضوع سد النهضة وذلك من خلال إطالة مدة ملئ السد والقبول بشروط مصر في الإدارة المشتركة للسد وربما هكذا يستطيعوا تحييد المصريين وكذلك قبول مطالب السودان في ترسيم الحدود مع إثيوبيا دون الدخول في حرب ومواجهة مفتوحة وكذلك أيضا يتم تحييد السودان وإيقاف الجبهة الجديدة في الحرب .. إذا فعلوا هذا يكون جُل اهتمامهم قد إنصب في تدمير التقراي لكن عندها يكون التقراي قد دعموا خططهم الدفاعية وجهزو استراتيجياتهم في حرب طويلة الأنفاس .. وبين هذا وذاك هناك بؤر توترات قد خُلقت وبدأت تأكل وتنخر في الجسد الأثيوبي من التوترات في بني شنقول بين الأمحرا والسكان المحليين كذلك بين العفر والامحرا ثم بين الأورومو والأمحرا .. الملاحظ أن الامحرا هم العامل المشترك في كل هذه النزاعات والتوترات كما أنهم طرف أساسي في الحرب المشتعلة في التقراي والحرب الحدودية مع السودان .. هكذا من خطط شتت مقدرات الأمحرا وكذلك القوات الفدرالية .. حروب وصراعات فُتِحَتْ على شعوب المنطقة والخاسر الأكبر في كل هذه الحروب هي شعوب المنطقة حيث تبدلت حياتهم إلى لُجوءٍ ونزوح داخلي يأتي معها الفقر والجوع والمرض وعدم الأمان وضياع مستقبل الصغار كل هذه متلازمات الحروب التي يشعلها أولئك الذين على السلطة تحت مسمياتٍ ومبرراتٍ عدة في مجملها لتمتين سلطانهم و بلوغ طموحاتهم الفردية دون الإكتراث لما تعانيه الشعوب .. لقد خبرنا جيداً إسياس وما إرتكبه في حق الشعب الإرتري الصامد وما ارتكبه في حق زملائه من قادة الجبهة الشعبية الذين منهم من قضى نحبه قتيلا ومنهم من ينتظر قابعاً سجيناً في زنازين هذا الدموي الذي لم يترك حتي جرحى حرب التحرير قضي عليهم بدمٍ بارد .. لقد خبرناه في مواقع ومواقف عديدة وهو كما هو لم ولن يتبدل متغطرس عربيد ودموي يمكنه التحالف مع الشيطان من أجل مصالحه وما هذه اللعبة الغير نبيلة بينه وبين أبي أحمد الا جزءٌ من ذلك.

عام 2020 في منطقتنا لم تكن إلا عام الحروب وأسراب الجراد الأصفر والأمراض .. أوضاع معيشية في غاية الصعوبة وغلاء فاحش لا يستطيع معها الفقير من إيجاد قوت يومه وصار الموت يحصد في الناس خصوصاً الصغار وكبار السن .. أما أهلنا في اليمن السعيد فليس حالهم بأحسن من حالنا فما زالوا يكتوون بنار الحروب  التي فرضت عليهم بالوكالة تجري حروب غيرهم في ديارهم تأكل لحمهم وتسفك دماؤهم وتسيل عرقهم وجهدهم وهم كما هم كل عامٍ يمضي وهم أكثر فقراً وأكثر تقدماً نحو الخلف فالدمار شامل والاعوجاج في الحال كامل .. لا ضوء في نهاية النفق فالظلام عاتم وقاتم وإحصائيات الأمم المتحدة تقول بأن اثنتي عشرة مليون من اليمنيين تحت الفقر المدقع .. فقر وأمراض وحروب يا رب سترك بهذه الشعوب .. لعل العام الجديد يأتي بأملٍ جديد وداعا عام 2020 وأهلا وسهلا 2021.

ود عيسي