Monday, December 30, 2019

جرد حساب عام 2019 برائحة بنت السودان


ْ
كان عام 2019 عام أهل السودان بلا منازع .. كان عام أهل السهل وبلاد النيلين كان عام أهل الطيبة والشهم والكرم كما كان الذي سبقة عام أهل الهضاب العليا والجبال الشامخات كان عام إثيوبيا .. فالشعوب قد ثارت في الهضاب والسهول تباعا وأفرزت أوضاعا جديدة .. أفرزت مناخا جديدا ... وهذه سُنةِ الحياة فدوام الحال من المحال لكن هيهات لو يعلم المتغطرسون والمستبدون لو أن الحكم يدوم لما وصل اليهم ....
السودان وما أدراك ما السودان .. أرضٌ حباها الله بكل الخيرات بل وبأجزل الخيرات حيث الأراضي الخصبة والمياه الغزيرة والثروات المعدنية المتراكمة والحيوانية الطائلة كذلك حباها الله بالانسان الطيب البسيط المتواضع أينما خرج فهو نموذج الانسان المتعلم والانسان المُعَلِم فكم من أجيالٍ  تتلمذت علي أيديهم في الجزيرة العربية وغيرها من الاماكن لكن ومنذ الأستقلال ويراوح السودان مكانه .. منذ الأستقلال ويتخبط في أموره .. منذ الاستقلال ولا يهتدي الي البوصلة الصحيحة التي تقوده الي بر الامان .. منذ الاستقلال ونخبه السياسية غير قادرة علي قيادة البلاد ولا علي وضع الامور في نصابها الصحيح ولا تقدير مألات تخبطاتها ونتائج تعثراتها حتي أُقتطع منها جزءٌ غاية في الاهمية من كل الجوانب. تراكمت أخطاء النخب السياسية منذ فجر الأستقلال الي يومنا هذا .. لم تدرك النخب جسامة وحجم المسؤلية فتخبطت وانجبت جسما سياسيا مشوها غير قادر علي تسير دفة البلاد بكل ما حباها الله من خيرات. فبعد فجر الأستقلال لم تُحضر النخب الي مؤتمر دستوري جامع غير مقصي فيه أحد وتكون كل أطراف البلاد ممثلة فيه لتدارس الاشياء الأساسية في تكوين الدولة الجديدة .. مؤتمر شامل لوضع اللبنات الاساسية للحكومة وكيفية إدارة الدولة بل وحتي شكل الدولة نفسها تراعي فيه كل ألاولويات وتضع في الاعتبار لكل طوائف المجتمع من أقصي شماله لأقصي جنوبه ومن أقصي شرقه لأقصي غربه ... تراعي التعدد العرقي والديني واللغوي دون محاباةٍ لطرف علي أخر ودون الأنحياز الي فئة إثنية محددة .. مؤتمر يُحَضَر له بكل عناية ومسؤلية ... أضاعت النخب ألأولي هذه الفرصة وإعتمدت علي أجسام سياسية مثل مؤتمر الخريحين وطائفتي الأنصار والمرغنية ممثلتين في حزبي الأمة والأتحادي وتلقت الأستقلال محمولا علي أكتاف هذه الكيانات السياسية التي لم تكن تمثل كل اطراف وفئات الشعب السوداني وهكذا بدأ الاقصاء وبدأ فجر الاستقلال بداية غير موفقة وهكذا تعثرت خطي بناء هذا البلد العملاق وبدا التخبط السياسي في عهد المجلس السيادي الأول رغم القيادات الرمزية أمثال الزعيم الأزهري ورئيس الوزراء محمد أحمد محجوب وفي ظل هذا التخبط وجد العسكر سانحتهم الأولي في الإعتلاء علي السلطة بقيادة إبراهيم عبود ولم يكن بمقدور العسكر تحسين الأوضاع لأن الرؤية الثاقبة  والسليمة للأزمة كانت مفقودة من الاساس وفاقد الشيئ لا يطيه كما يقول المثل لذا توالت أزمات العسكر في السلطة وتوالت أزمات البلاد الاقتصادية والسياسية وأشتدت سوءاً حتي تفجرت ثورة أكتوبر وزحفت جموع الطلاب والجماهير في شوارع الخرطوم وأسقطوا نظام عبود العسكري لكن وللاسف الشديد لم تستغل الفرصة الذهبية لدراسة جوهر الأزمة ومسبباتها الاولية بل فقط ظنوا إنها وجود العسكر في السلطة وبتبديل العسكر بوجوه مدنية ظن الناس بأن المشكلة ستحل جزرياً وهكذا جرت الانتخابات وأتت بنفس الوجوه التقليدية التي إعتلت السلطة في فجر الاستقلال وهي وجوه من الحزبين التابعين لطائفتي الانصار والختمية وأستبعدت كل الاطراف الاخري وهكذا أعيد ميلاد الازمة لان هذه الاحزاب ليس في جعبتها حل لازمات السودان القطر الشاسع والأكبر من ناحية المساحة في إفريقيا والذي كانت دوما تحدق به أطماع الطامعين وهم كثرة وذلك في ظل غياب إرادة حقيقية من أبنائه ونخبه السياسية في الإتيان بحل ناجع لازماته وذلك أولاً بتدارس الأزمة نفسها وإدراك ماهيتها ومعرفة الأسباب أولا لأن معرفة السبب يشكل نصف الحل ولا يمكن الاتيان بالحل إن لم تكن تدري أسباب المشكلة وهكذا ضاعت الفرصة وضاعت البوصلة ولم تأتي الديمقراطية بحل وكان العسكر دوما بالمرصاد وتم إنقلاب 25 مايو وجيئ بجعفر النميري وهكذا أعيد إنتاج الازمة والتخبط والبحث عن الحلول في غير موضعه فتم توقيع إتفاقية أديس أبابا مع جوزيف لاقو ظننا من النميري بأن إعطاء بعض المناصب لقلة من أفراده يسكت البقية  ذلك بالطبع لم يكن جوهر المشكلة  ولم تكن لتعالج أزمة جنوب السودان نهايك من معالجة أزمات بقية أطراف السودان المتعددة لقد كانت مُسكنا لذلك الطرف فقط حتي تتفجر أزمته من جديد لانها لم تحل وتعالج في الاساس أزمة ذلك الطرف ناهيك في أن تعالج وتحل أزمات القطر كله ... نظام النميري لم يكن مؤهلا لحل أزمات السودان لان همه كان منصبا في خلق تحالفات تجعله يستمر في الحكم فقط وتلك كانت الظروف التي تحالف فيها مع الترابي وجيئ بالاسلام السياسي علي مقربة من الحكم وتفاقمت أزمات البلاد وساءت أحوال العباد وهكذا يثبت العسكر فشلهم الزريع في إدارت البلاد للمرة الثانية وصارت الاوضاع حبلي بثورة شعبية تزيل العسكر من سدة الحكم وقد تم ذلك حيث قامت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية أثناء تواجد النميري بالخارج وقد نجحت في إزالة حكمه فبقي بالقاهرة ونجحت ثورة إبريل وأتي المدنيين مجددا للسلطة لكن دون برنامج واضح يعالج أزمات السودان العريض وظن بأن أزمة السودان تكمن في إزالة العسكر وعمل الانتخابات والاتيان بحكومة مدنية تأتي عبر صناديق الاقتراع ولقد تناست النخب السياسية بأنه ومنذ الاستقلال لم يوضع مؤتمر دستوري يناقش كل قضايا البلاد ونظام الحكم وتقسيم الثروات وإقامت توازن إثني تراعي فية حقوق كل مكونات المجتع السوداني ... مؤتمر دستوري تناقش فية كيفية حكم البلاد وطبيعة النظام هل يكون النظام فدرالي إقليمي حيث تقوم الاقاليم بحكم نفسها أم يكون النظام مركزي رئاسي أو برلماني ... مؤتمر تناقش فيه كل اسس الدولة وعلي ضوء ذلك يوضع الدستور ويوضع الدستور لاستفتاء شعبي يقبل فيه أو يرفض ويتم التعديل  حتي يكون مقبولا من الشعب ... لكن كل ذلك لم يتم ولم توضع أسس الدولة بالشكل الذي يرضي كل مكونات الشعب السوداني بل تم التركيز علي الايتاء بحكومة منتخبة دون وضع الاسس التي علي ضوئها تحكم الحكومة المنتخبة وهكذا أعيد تكرار الخطأ وللمرة الثانية, حكومة مدنية .. تخبط في الحكم وتفاقم الازمات ثم الجيش والانقلاب يتلو ذلك ثورة شعبية لاقتلاع الجيش وهكذا دواليك ... وكما كان متوقعا لم تستطع الحكومة المدنية بقيادة الصادق المهدي من معالجة الازمات بل وبالعكس تفاقمت الازمات وإشتعلت الحرب في الجنوب وبدا التململ في الاطراف وصارت الارض خصبة ومهيأة لانقلاب جديد وهذه المرة الانقلاب لم يكن عسكريا بحتا بل كان ذا مزاقٍ وطعم جبهوي .. فالانقاذ بقيادة حسن الترابي خططت وهيأت للأنقلاب وأتت بالبشير من أحراش الجنوب ليذهب للقصر رئيسا والترابي للسجن حبيسا برفقة قادة جميع الاحزاب التقليدية في تمويهةٍ من الترابي وحتي يبعد الشبهات عنه وعن الجبهة وهكذا سيطرت الانقاذ علي مفاصل الدولة وبدا التمكين وصياغة الدولة العميقة التي صارت معالمها تتشكل يوم بعد أخر لقد تمكنوا من وضع منسوبيهم في كل مواقع الدولة وتغلقلوا في الجيش وسيطروا عليه سيطرة تامة وأقاموا مليشيات تابعة لهم .. لكن عراب الانقاذ إنقلب عليه البشير وكذلك تلامذته فيما يعرف بالمفاصلة فتم إبعاده من الانقاذ وصار لا يسيطر علي شيئ وحينها أقام حزبا أخر يعرف بالشعبي وصار معارضا يتعرض للسجن مثله مثل بقية النشطاء السياسين. لقد عاثت الانقاذ بقيادة البشير في البلاد خرابا وفساداً فدمرت أبرز المشاريع الاقتصادية الناجحة في السودان مثل مشروع الجزيرة الزراعي والخطوط الجوية والبحرية  والسكة حديد التي كانت تربط أقاصي أطراف السودان كما فرطت في الجنوب لينفصل عن السودان وأشعلت المحرقة في دارفور لتبيد وتدمر قري بكاملها وجعلت الملايين ينزحون من ديارهم ... قامت الانقاذ بمالم تقم به كل الحكومات مجتمعة من تقتيل وتدمير وهتك أعراض وتهجير وسلب ونهب .. لقد فعلت الانقاذ في المجتمع السوداني خلال الثلاثين عاما من حكمهم بأفعالٍ تتنافي مع الدين والشرع الذي كانوا به يتشدقون وهو براءٌ منهم .. أفعال يحرمها الدين كالقتل والنهب وهتك الاعراض .. لقد أساءت للسودان فصار يتزيل القوائم في كل شيئ نعم في كل شيئ ما عدا في صناعة القتل وإشاعة الدمار. كثير من الدول تحلم ليكون لها ما للسودان من ثروات طبيعية وموارد لا حدود لها لكن الطامة الكبري كانت في النخب السياسية التي كانت دائما تفتقد للنظرة الثاقبة في فهم وتحليل أزمات السودان المتعاقبة كان بالامكان أن تكون السودان الدولة الرائدة وفي طليعة الدول الافريقية والعربية حيث عندما نالت السودان إستقلالها كانت كثير من الدول إما مازالت تحت نير الاستعمار أو في فقر مدقع وحتي الذي بني في عهد الاستعمار أتت الأنقاذ وجعلته حطاما ركاما مثل السكة حديد وغيرها من الهيأت الحكومية كذلك قضت علي السلك الوظيفي الذي كان مفخرة السودانيين وإستبدلته بنظام يأتي بمنسوبيها والازيال المتحلقة من حولها وتضع خيرة أفراد السلك الوظيفي للصالح العام وتدريجيا تخلصت من خيرة الخبرات في كل المجالات لتأتي بالتابعيين لها ولا يهم الخبرة ما دام هو أو هي من ناس الانقاذ .. تتابعت السنين علي نفس المنوال والبلاد تغوص في أزماتٍ عميقة والثورات المسلحة في الأطراف والتململ في الوسط ووميض الثورة الجارفه صار يتلألأ من تحت الرماد وخصوص في المدن الطرفية أمثال نيالا, الفاشر, زالينجي, الابيض, كادوقلي, الدمازين, سنار, القضارف, كسلا, بورسودان وعطبرة ... لقد فقدت الانقاذ كل مقومات البقاء ورحيلهم صار حتمياً .. لقد إزداد الغلاء وإختفت السلع التمونية الاساسية كذلك إختفت العملة المالية وصارت الناس دون خيارات أخري فالخيار ألاوحد هو إزالة الانقاذ. الخيار الاوحد هو الانتصار كما كن خياى  طارق إبن زياد الأنتصار وليس غير الانتصار عندما أحرق المراكب وقال لجيشه العدو من أمامكم والبحر من خلفكم ولا مقصد ولا نية الا الإنتصار والأنتصار فقط وهكذا كانت البداية من مدينة مايرنو بالقرب من سنار في  يوم 13 من ديسمبر عام 2018 ثم تلتها مدينة الدمازين وكان الانفجار المدوي والحدث الاكبر في مدينة عطبرة حيث خرجت الجموع الحاشدة في ال 19 من ديسمبر ضد غلاء المعيشة وإنعدام المواد التموينية والبترولية تصدت لها قوات الشرطة والقوات الامنية الاخري بالمسيلات للدموع وسرعان ما تم إستخدام السلاح والذخير الحية لتفريق الجموع الحاشدة وتلك كانت بداية النهاية للنظام حيث إنتقلت العدوي لبقية مدن الطرف من ضمنها القضارف وبورتسودان اللتين قتل فيهما أعداد كبيرة من المواطنين العزل ثم إنتقلت الشرارة الي العاصمة والي الحشد الاكبر والمؤثر وكذلك تم تكوين قوي إعلان الحرية والتغير بقيادة تجمع المهنيين لتتولي تسير دفة الثورة والعمل الجماهيري وهنا أنتظم العمل في كل أبعاده فصار الجهد مؤطرا ومصوبا علي إسقاط النظام وكان شعارا المرحلة "تسقط بس ... بالواضح مش بالدس" وكان شعارا إلتفت حوله كل قطاعات الشعب في كل المدن السودانية وكذلك جموع السودانين في دول المهجر التي إنتظمت مظاهراتها لتتناغم مع مظاهرات الداخل في كل بقاع وأطراف السودان البعيدة والقريبة ... أظهر الشعب السوداني خلالها تفرده من بقية دول الربيع العربي في القيام بثورة سلمية حتي لا تنجر البلاد الي قاع الحروب الأهلية وتمزق ما تبقي من نسيجه الاجتماعي .. كان الشعب السوداني معلما حتي في الثورة فابدع في إخراج ثورة شعبية إكتسبت بسرعة تعاطف وود كل الشعوب والمنظمات الدولية بالعالم بما فيها الامم المتحدة والاتحاد الافريقي الذي إتخذ موقفا واضحا وصريحا في مؤازرة الانتفاضة الشعبية ... كان الشعب السوداني بقيادة شبابه ونسائه مقداما في تجديد أدواته وخصوصاً في إستخدام الانترنت وأماكن التواصل الاجتماعي في تطورٍ وتقدمٍ وأسبقية واضحة علي النظام الذي لم يستطع مجاراتها وإعتمد علي البطش والتقتيل أبدع الشعب السوداني في كل سبله ووسائله السلمية وكان الإعتصام في أمام القيادة العامة للجيش قمة الابدام وقمة التفرد في هذه الثورة أقامت أمام مرأي ومسمع العالم دويلة تسود فيها كل فضائل وخصائص الشعب السوداني في النبل والكرم والتضحية ونكران الذات وتحت شعار حرية .. سلام ... وعدالة ... الثورة خيار الشعب .. تواصلت ايام الاعتصام والجموع صائمة تقيم الصلوات والذكر والتراويح وقيام الليل وهم مازالوا معتصمين ... أبدع الشعب السوداني في إبراز وجهه الحقيقي أمام العالم مما زاد حب وتقدير العالم له حيث بعدما كان يتزيل كل شيئ صار في مقدمة كل النشرات الاخبارية وتطوراتها صارت تتقدم كل مواقع التواصل الاجتماعي كذلك اخرج الشعب السودان أصالته وتقدمه في كل وسائل الابداع والفن فصارت دويلته أمام مقر القيادة العامة مصدر إلهام لشعرائه من النساء والرجال اللذين إعتلوا المنصات وكذلك المطربين والتشكيليين كل مصادر الابداع شكلت حضوراً واضحا وخصوصاً المرأة الكنداكة التي كانت تتصدر المظاهرات وكانت تقود الهتافات وتعتلي المنصات في تأليب وشحن الهمم وكانت فعالة في ذلك ... كل طوائف المجتمع السوداني ساهمت ووقفت مع الثورة في إدراك ووعي تام بالمسؤلية وبانها وقفة جيلٍ إما تكون له أو تكون عليه ... كانت ليالي الإعتصام والمنصات التي أقيمت فيها جميلة وجذابة للكثيرين من الذين كانوا في الطرف يتفرجون ... كانت ليالي ثقافية تجري فيها مجاري الابداع المختلفة وتتدفق في بحيرتها شلالات الفن والطرب والكلمات المدويه .. كانت أمسيات تقام وتعطي الفنون مساحة إختفت لثلاثين عاما لكن ولكن كيف لجحافل الظلام أن ترضي بهذه الحقيقة وكيف أن تقتنع بالتغيير الأتي .. أرادت وأد الثورة بتحطيم هذه الدولية الفاضلة فأتوا ليلا والجفون نيام ... أتوا ليلا بعد التراويح وصلاوات القيام .. أتو ليلا والناس مثقلة من نهار طويلٍ وصيام ... أتوا ليلا وكثير من الناس في الخيام .. أتو جحافل البطش والترهيب والطغيان .. مسلحين ببنادق وعصيٍ وصيطان .. أتوا يعملون في المعتصمين ضربا وبطشا وبمبان ... والرصاص في كل إتجاه وفوق الارصفة جسمان ... والشهداء خضبوا الارض بدمائهم في بسالةٍ ونكران ... أتوا الجنجويد ليلا فأرهبوا وبطشوا وإغتصبوا وإقتتلوا وأحرقوا ودمروا ... أوباش خرجت من الاحراش وفعلت كل المحرمات والفواحش ... أوباش أُرسلُوا لتحطيم النفس العزيزة النفس الكريمة لكن هيهات فهم الاسفلون وهم الارذلون وهم المحطمون لا يدرون مألات ما يفعلون أدوات في أيدي الجلادين أدوات في أيدي الأوباش الكبار ... فضوا الاعتصام بعد أن أراقو وسفكوا الدماء مدرارا .. فضوا الاعتصام بعد أن إغتصبوا الحرائر والاحرارا .. فضوا الاعتصام بعد أن هتكوا الاعراض وأشعلوا النارا .. فضوا الاعتصام بعد أن أزهقوا الأنفس وعاسوا في الأرص خرابا ودمارا ... ظنوا بأنهم سوف يفنون الثوارا ويوأدون شعلة التغيير ويوقفون الاعصارا .. هؤلاء الاباش لم ولن يوقفوا الاعصارا .. فإنه التغيير الأتي لا محالا ... فضوا الإعتصام وصنع الشهداء التاريخ وتجددت أدوات الثوار الي إضراب عام وعصيان مدني شل الحياة تلته مليونيات فضات بها الشوارع والطرقات في كل المدن خصوصا في العاصمة أرغمت العسكر للجلوس في مفاوضات جادة وتوسط إثيوبي وإفريقي أنهي الصراع وبدأ بالمدنية في خطاها الاولي ... تفرد الشعب السوداني وأثبت إستحقاقة وأهليته للقب الشعب المعلم الذي ألهم الشعوب في كيفية إدارة الصراع مع العسكر دون أن يؤدي بالبلاد الي قاع الحروب الأهلية والصراعات الدامية أدار الثورة بحنكة وذكاء مع الاصرار والعزيمة والتركيز علي الأهداف المحددة للثورة وهي حرية سلام وعدالة دون الانزلاق الي أتون الصراعات الجانبية وإدراك قياداتها الشابة بأن تراكم ثلاثين عاما من التدمير والخراب وسياسة التمكين والدولة العميقة سوف تحتاج الي ثورة عميقه تستمرة لشهور طويلة في إتقاد دائم وتجدد في الادوات والاماكن فالدولة العميقة لا توجهها الا ثورة عميقة بإدراك وفهم أعمق والكنداكات والشفاتة كانوا لذلك أهلا فجودوا وأجادوا حتي نال الشعب السوداني ما أراد..
والأن وفي ذكري العام الأول لهذه الثورة العظيمة ولشعبٍ عظيم ما تهاون أو إستكان لخوض الثورات حتي أنجب منها ثلاثة كلٍ منها متفرد في زمانه ومجاري لمُمكِنات زمانه ... الان والشعب السوداني يحتفل بالذكري الأولي لثورته فإن علي السياسين أن يرتقوا لعظمة هذا الشعب فكل مرة يصنع الثورة ويعطيها للسياسين في طبقٍ من ذهب ويفرطوا فيها فياكلها العسكر الذين هم دوما بالمرصاد ليحصدوا عناء وجهد الشعب الباسل ... علي السياسين أن يرتقوا لمستوي هذا الشعب العظيم ويقوموا بمؤتمر دستوري جامع تعالج فيه كل أمور البلاد منذ فجر الاستقلال وتحدد فيه شكل الدولة وكيفية الحكم والاقاليم وطبيعة الحكم الاقليمي من فدرالي أو كنفدرالي أو غيره ... مؤتمر تطرح فيه الاسئلة الصعبة وتوضع فيه الحلول المناسبة لا تفريط علي شبر من أرضة كما حدث .. الانفصال لم يكن حلا ولن يكن أبدا حلا لاقاليمه المختلفة ما إنفصل منها وما بقي فالحل يكمن في إيجاد صيغة تعايش وحقوق مواطنة تكفل للكل العيش بأمان وسلام في أرضهم.

No comments:

Post a Comment